تكاليف الرهون العقارية تقصي الأردنيين من السوق
أسعار المنازل والشقق ارتفعت خلال العام الحالي بما بين 10 و15 في المئة.
تحمل إشارات المستثمرين في مجال الإسكان بالأردن بشأن انكماش نشاط القطاع واحتمال دخوله في مرحلة ركود جراء تكاليف الإقراض في طياتها الكثير من علامات التشاؤم بينما كانوا يأملون في استعادة زخم أعمالهم في أحد أبرز محركات النمو بالبلاد.
عمان - يواجه سوق الإسكان الأردني عثرة جديدة في طريق التعافي من ارتدادات الإغلاق الاقتصادي، بعدما أبعدت تكاليف الرهون العقارية جراء تداعيات الحرب في أوكرانيا في الفترة الأخيرة الكثير من المشترين عن السوق.
واعتبر كمال العواملة رئيس جمعية المستثمرين الأردنيين في القطاع أن ارتفاع تكاليف التمويل لشراء الشقق السكنية أدى إلى تراجع حركة تداول العقارات خلال العام الحالي مقارنة مع الأعوام السابقة.
وقال في مقابلة مع وكالة رويترز إن "ارتفاع أسعار الفائدة وصعوبة الحصول على القروض زادا من الأعباء على المواطنين وقدرتهم على تأمين مسكن يلبي حاجاتهم في ظل ارتفاع أسعار الشقق بعد جائحة كورونا".
ويأتي هذا الموقف ليؤكد النتائج السلبية التي أعلنت عنها دائرة الأراضي في وقت سابق هذا الشهر والتي كانت متناقضة مع نمو عدد الصفقات في القطاع بنسبة 23 في المئة من يناير وحتى أكتوبر الماضيين.
وخلال الأشهر العشرة الأولى من هذا العام انخفضت حركة بيع العقارات بنسبة بلغت سبعة في المئة، حيث تراجعت مبيعات الشقق بنسبة بلغت ثلاثة في المئة، فيما انحسرت مبيعات الأراضي بحوالي 9 في المئة على أساس سنوي.
ويؤكد محمد نصرالله الموظف في القطاع الخاص أن البنك التجاري الذي يقترض منه أبلغه برسالة نصية أنه رفع الفائدة على قرضه لتصبح تسعة في المئة بدلا من 8.5 في المئة العام الماضي وأن القسط الشهري أصبح 420 دينارا (310 دولارات) بدلا من 395 دينارا.
وبين نصرالله، وهو رب أسرة مكونة من أربعة أفراد، أن القسط الشهري ارتفع بمقدار 25 دينارا ليزيد الأعباء عليه وسط غلاء المعيشة وثبات الدخل.
وقال إن "راتبي الشهري موزع بشكل دقيق على قائمة أولويات معروفة ولها حاجة ملحة ولا يمكنني تحمل أي زيادة من هنا أو هناك مهما كان المبلغ، سأضطر لتأجيل دفع فواتير الإنترنت أو الهاتف من أجل تسديد القسط".
ورفع البنك المركزي أسعار الفائدة ست مرات هذا العام كانت أولاها في مارس الماضي أي بعد فترة وجيزة من اندلاع الحرب في شرق أوروبا بنسبة 0.25 في المئة وآخرها 0.75 في المئة في أكتوبر الماضي.
وأوضح العواملة أن أسعار الشقق السكنية زادت "بنحو 10 إلى 15 في المئة خلال العام الحالي وذلك نتيجة الزيادة في كلف مدخلات البناء، كالأسمنت والحديد والألمنيوم بالإضافة إلى ارتفاع كلفة العمالة".
وقال إنه "بسبب جائحة كورونا وارتفاع كلف الشحن بنحو سبعة أضعاف زادت أسعار المواد الخام الداخلة في البناء، ورغم عودة انخفاض كلف الشحن العام الحالي لم تعد الأسعار كما كانت قبل الجائحة".
وأضاف "خلال الأزمة الصحية ومع تراجع الطلب استقرت أسعار الشقق ولكن كان معظم المستثمرين يبيعون بهامش ربح قليل تقديرا لظروف المواطنين من جهة ولتوفير السيولة لهم من جهة أخرى".
وأكد أن الجمعية طالبت البنك المركزي من أجل مخاطبة البنوك المحلية لكي لا ترفع الفائدة على القروض السكنية وأن تستثنيها مقارنة مع القروض التجارية الأخرى.
ووفق البنك الدولي، تحتاج السوق العقارية الأردنية كل عام إلى قرابة 65 ألف مسكن جديد، ولكن ما يتم إنتاجه لا يزيد على 30 ألف شقة وسط 80 ألف عقد زواج يتم تنفيذها سنويا.
ويبدو هذا الرقم متفائلا، حيث يرى العواملة أن الحاجة الفعلية السنوية من الشقق السكنية في البلد تبلغ قرابة 80 ألف شقة.
ولكن مع ذلك، تؤثر البيروقراطية في الحصول على تراخيص البناء سلبا على توفير تلك الحاجة، الأمر الذي يؤدي إلى تراجع العرض وبالتالي بقاء الأسعار مرتفعة.
وأكد العواملة أن المستثمرين في قطاع الإسكان يعانون من طول مدة الحصول على ترخيص البناء، والتي قد تصل إلى عام كامل وتحديدا في العاصمة عمّان.
وتكمن أهمية السوق في ارتباطها بأكثر من 150 نشاطا بشكل مباشر وغير مباشر، لاسيما مواد البناء والصناعات الكهربائية والإنشائية والأثاث والمطابخ والتمديدات الصحية وغيرها.
وتحث الحكومة الخطى نحو تنفيذ حزمة من الخطط الملائمة لمواجهة التغيرات والتحديات التي تشهدها السوق المحلية جراء التغيرات الحاصلة على خارطة الاقتصاد بفعل تداعيات الأزمات الخارجية.
وكانت الحكومة قد قررت في مارس الماضي تخفيض رسم بيع العقار بنسبة اثنين في المئة وضريبة بيع العقار بنسبة واحد في المئة لتصبح النسبة بمجملها 6 في المئة، ابتداء من مطلع يوليو 2022، لغايات تحفيز سوق العقارات والإسكان.
وقبل أزمة كوفيد دخلت الحكومة في معركة لتحريك القطاع المتعثر عبر حزمة من الحوافز لتشجيع الشركات والمستثمرين، يرى كثير من المختصين أنها غير كافية.
وكشف آخر تقرير عن الاستقرار المالي صادر عن البنك المركزي أن المقترضين من البنوك المحلية يدفعون 45 في المئة من دخلهم الشهري في سداد قروض.
وبحسب التقرير فقد ارتفع إجمالي القروض السكنية المترتبة على الأفراد لصالح البنوك في نهاية العام 2020 إلى 4.48 مليار دينار (6.3 مليار دولار) مقابل 4.3 مليار (ستة مليارات دولار) في نهاية العام 2019 بنسبة نمو بلغت 4.7 في المئة.
وشكلت القروض السكنية الممنوحة للأفراد 80 في المئة من إجمالي التسهيلات العقارية مع نهاية العام من تفشي وباء كورونا، والتي بلغت حوالي 5.6 مليار دينار (7.9 مليار دولار).
في المقابل، شكلت القروض لشراء الأراضي 20 في المئة من إجمالي التسهيلات العقارية.
وأنهت السوق العام الماضي على وقع انخفاض في نشاط بيع وشراء الشقق والأراضي في كامل مناطق البلاد، إذ تشير الأرقام أنه تقهقر بواقع 17 في المئة على أساس سنوي.
لمشاهدة الخبر اضغط هنا